الأنساق الثقافية المضمرة في قصيدة (أحنُّ إلى خبز أمي) لمحمود درويش: دراسة سيميائية في ضوء نظرية التلقّي

الملخص

الأنساق الثقافية المضمرة تعد من المفاهيم النقدية الحديثة التي تمكّن القارئ من النفاذ إلى الطبقات العميقة للنص بما يتجاوز المعنى الظاهري المباشر. فهي تشير إلى تلك القيم والمعاني والعقائد الاجتماعية والثقافية التي يخزنها النص في طياته دون أن يصرّح بها مباشرة، لكنها تؤثر في بنائئه ودلالته وتشكل وعي الكاتب ولا وعيه في آن معا.

وتعد دراسة الأنساق الثقافية المضمرة مدخلا نقديا يكشف تفاعلات النص مع محيطه الثقافي، ويضئ الجوانب المسكوت عنها، ما يمنح القارئ فهما أعمق للنص، ويجعله أكثر وعيا بما ينطوي عليه من رسائل ظاهرة وخفية.

يتناول هذا البحث موضوع الأنساق الثقافية المضمرة في قصيدة( أحن إلى خبز أمي) لمحمود درويش، بوصفها نموذجا شعريا يحمل دلالات تتجاوز البنية اللغوية الظاهرة إلى عمق الرموز الثقافية، من خلال مدخلين نظريين هما السيميائية ونظرية التلقي. فالشاعر بلغة بسيطة ظاهريا يعبر عن مشاعر وطنية وإنسانية عميقة، تتجلى عبر رموز مثل( خبز أمي) و( قهوة أمي) و( لمسة أمي) التي لا تشير إلى الأم وحدها بل تمثل أيضا الوطن، الدفء، الجذور، والهوية الضائعة تحت سياق المنفى.

وتكمن أهمية البحث في قدرته على إظهار كيف تعبّر البنية الرمزية في الشعر عن قضايا كبرى بطريقة غير مباشرة، مما يعكس تداخلا بين الجمالي والثقافي والسياسي، كما يشير البحث إلى دراسات سابقة دعمت فكرة أن القصيدة تتضمن بنية ثقافية غائرة تحاكي الوعي الجمعي العربي والفلسطيني خاصة.

يخلص البحث إلى أن محمود درويش لم يكن يكتب فقط عن أمه، بل عن وطن وهوية وجرح مستخدما رموزا ثقافية مضمرة نقلت القصيدة من الحنين الفردي إلى الحنين الجماعي.